عدد المساهمات : 57 العمر : 34 الموقع : لا يوجد انت شغال ايه ؟؟؟ : طالب المزاج ايه انهارده ؟؟؟ : عال العال المزاج : السٌّمعَة : 0 نقاط : 57368 تاريخ التسجيل : 11/03/2009
موضوع: الفتنة الكبرى - الجزء الثالث عشر السبت مارس 14, 2009 12:03 am
فهذه كلها بشارات لعثمان رضي الله عنه أن هذه الفتنة سوف تحدث ويكون فيها عثمان رضي الله عنه على الحق، وسيُقتل فيها رضي الله عنه، ويدخل على أثرها الجنة، وستكون لهذه البشارات من رسول الله صلى الله عليه وسلم الأثر في سير الأحداث بعد ذلك كما سنرى في تفاصيل الفتنة.
إذن هذا هو ما حدث في فترة خلافة عثمان رضي الله عنه من الآثار، وكانت من الفترات المهمة جدًا في تاريخ الدولة الإسلامية.
ومع هذا الخير الذي كان عليه عثمان رضي الله عنه، ومع هذه الأفضال والمحامد، والآثار العظيمة، ومع هذا الخير الذي عمّ على جميع المسلمين، ومع هذه الأرزاق الدارّة التي لمسها المسلمون، حتى كان يُنادى على المسلمين أن اغدوا على أعطياتكم، فقد كان عهدًا عظيمًا من الرخاء، مع هذا كله تحدث الفتنة.
ما بين سنة 30 إلى 31 هـ، ظهر في اليمن عبد الله بن سبأ، وكانت أمه جارية سوداء، ومن ثَمّ لُقّب بابن السوداء، وكان يهوديًا، وعاش في اليمن فترة طويلة، وكانت اليمن قبل الإسلام مقاطعة فارسية، فتعلّم عبد الله بن سبأ الكثير عن المجوسية، وأراد هذا اليهودي أن يطعن في الإسلام والمسلمين، وبدأ بالتفكير في عمل هذه الفتنة، فدخل في الإسلام ظاهرًا في بداية عهد عثمان بن عفان رضي الله عنه، وبدأ يتنقل في البلاد حتى ينشر بعض الأفكار السامّة، والطاعنة في الإسلام، فذهب إلى الحجاز، ولما لم يجد صدى كافيًا انطلق إلى العراق، فذهب إلى البصرة، وكانت موطنًا للفتن، ووقع هناك على رجل يُسمّى حكيم بن جبلة، وكان من المسلمين، ولكنه كان لصًّا يغير على أهل الذمة، وقد حدد الخليفة إقامته بألا ينتقل من البصرة، فقد كان رجلًا سيئ الخلق، وبدأ ابن سبأ يلقي في روعه بعض الأفكار الجديدة على الإسلام، والمقتبسة من اليهودية، والمجوسية، وخرجت عقائد الشيعة من هذه الأفكار التي جاء بها عبد الله بن سبأ، وقد انقسم الشيعة إلى فرق كثيرة، فمنهم من أخذ من عبد الله بن سبأ كل ما قاله، وهم من يُسمّون الآن بالسبئية، ومنهم من أخذ منه البعض، ومنهم من أخذ القليل منه، ولكن على العموم فالشيعة جميعًا أخذوا من هذه الأفكار.
تبعه حكيم بن جبلة، وبعض من قبيلته، وبعض من أصدقائه، وكان كل هذا الأمر يدور سرّا، فهو لا يجرؤ على الجهر به ابتداءً، ثم انتقل من البصرة إلى الكوفة، وهي موطن للفتن، والثورات أيضًا، واستجاب له من أهل الكوفة أفراد كثيرون، ولكن سرّا ومنهم على سبيل المثال الأشتر النخعي، وهذا أمر غريب، فقد كان الأشتر من المجاهدين في اليرموك، والمواقع التي جاءت بعدها، ولكن الله تعالى يثبّت من يشاء، وقد استجاب الأشتر لابن سبأ إما عن جهلٍ، وإما عن رغبةٍ في الرئاسة أو غير ذلك، وكان الأشتر ذو مكانة ورأي في قومه، وبدأ يدعو الناس إلى ما هو عليه من أفكار، ويفسر بعض المؤرخين سبب انضمام الأشتر إلى أصحاب الفتنة بتفسيرين يناقض كل منهما الآخر؛ فالأول أنه كان من المغالين المتشددين في الدين، ويبالغ في بعض الأمور التي كان يظن أنها خطأ، ومن ثَمّ يتشدد لها، والأمر الثاني أنه كان محبًا للرئاسة، والسيطرة، وقام بالمشاركة في هذه الفتنة حتى يُمكّن له ويصل إلى ما يريد.
انتقل ابنُ سبأ إلى مصر، ووجد في مصر مناخًا مناسبًا لأفكاره؛ لأن معظم المجاهدين خرجوا إلى الفتوحات في ليبيا، وآخرين في السودان ومن كان موجودًا إنما هم قلة من المسلمين، فاستطاع ابن سبأ أن يجمع حوله قلة من الناس، واستقرّ في مصر، ولم يكن استقراره أمرًا مقصودًا، لكنه كان بطبيعته يستقرّ في كل بلد ينزل فيها مدة، ثم يغادرها إلى غيرها، فلما كان بمصر كان قد قرب عهد الفتنة فخرج من مصر.
أفكار ابن سبأ:
كانت أفكار ابن سبأ تهدف لهدم الإسلام، وتشكيك المسلمين في دينهم ومن هذه الأفكار:
1- القول بعقيدة الرجعة: وهي من الثوابت عند الشيعة، وأصلها في المجوسية، وقد وُجدت في اليهودية افتراءً على الله تعالى، فاليهود يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله، وقال لهم ابنُ سبأ: إذا كان عيسى بن مريم سيرجع فكيف لا يرجع محمد صلى الله عليه وسلم، فمحمد صلى الله عليه وسلم سيرجع، وتمادى الشيعة في الأمر، وقالوا ليس محمدًا فحسب بل علي بن أبي طالب وغيره.
لكن أصل هذه العقيدة كما نرى نابعة من المجوسية، ومن افتراء اليهود وكذبهم، وكان ابن سبأ يخاطب الجهّال فيصدقونه، وقد سأله البعض عن دليلٍ على رجعة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فقال: يقول الله تعالى:
2- عقيدة الوصاية: قال ابن سبأ إن أمر النبوة منذ آدم حتى محمد صلى الله عليه وسلم بالوصاية، أي أن كل نبي يوصي للنبي الذي بعده- وهذا تخريف منه وتحريف- وكان هناك ألف نبي وكل منهم أوصى لمن بعده، فهل يأتي محمد صلى الله عليه وسلم وهو خاتم الأنبياء، ولا يوصي بالأمر من بعده لأحد، إذن أوصى محمد صلى الله عليه وسلم إلى أحد الناس، هذا في البداية، ثم بدأ في البحث عن رجل إذا تكلم عنه أمام الناس يخجل الناس أن يردوا كلامه، فقال:
إن محمدا صلى الله عليه وسلم أوصى بالأمر لعلي وقد علمت ذلك منه، ووضع حديثا في ذلك يقول- افتراءا على الرسول صلى الله عليه وسلم-:
أنا خاتم الأنبياء، وعلي خاتم الأوصياء. أو الأولياء.
وهو حديث موضوع كما قال الألباني، وأضاف الشيعة بعد ذلك مجموعة من الأوصياء، ومن هنا ظهرت عقيدة الوصاية.
ثم قال ابن سبأ لأتباعه:
اطعنوا في الأمراء، وبدأ يراسل أهل الأمصار بسلبيات افتراها على الأمراء الذين ولاهم عثمان رضي الله عنه، من أمثال عبد الله بن أبي سرح، والوليد بن عقبة، وسعيد بن العاص، وعبد الله بن عامر، وقال لأتباعه:
إذا قمتم بالدعوة إلى هذا الأمر في الناس فقولوا: إنا نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر.
حتى لا ينكر قولكم.
أتباع ابن سبأ
اتبع ابن سبأ مجموعة من الطوائف، فمنهم الذين هم على شاكلته ممن دخلوا في الإسلام ظاهرا، وأبطنوا الكفر والنفاق، وطائفة أخرى يرغبون في الإمارة والرئاسة والسيطرة، ولم يولهم عثمان رضي الله عنه، إما لسوء خلقهم، أو لوجود من هو أفضل منهم، وطائفة ثالثة من الموتورين الذي أقام عثمان رضي الله عنه الحد على أحدهم، أو على قريب لهم، فقاموا حمية له، وطائفة أخرى من جهال المسلمين الذين ينقصهم العلم، فتبعوا ابن سبأ بدافع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ليقتلوا عثمان بن عفان رضي الله عنه.
ثم بدأ الطعن في الخليفة نفسه، وأعد ابن سبأ قائمة بالطعون في عثمان رضي الله عنه، وأرسلها إلى الأمصار والبلدان، ووصل الأمر إلى أمراء المسلمين، وإلى الخليفة رضي الله عنه، فأرسل مجموعة من الصحابة يفقهون الناس، ويعلمونهم، ويدفعون عنهم هذه الشبهات، فأرسل محمد بن مسلمة إلى الكوفة، وأسامة بن زيد إلى البصرة، وعمار بن ياسر إلى مصر، وعبد الله بن عمر إلى الشام، وكان أهل الشام أقل الناس تأثرا بهذه الفتنة، وكان معاوية رضي الله عنه يسوس الناس بحكمة، وحلم وكان الناس يحبونه حبا شديدا، وقد رفض الناس دعوة ابن سبأ عندما عرضها عليهم، فذهب إلى أبي ذر الغفاري رضي الله عنه وأرضاه وهو من كبار الصحابة ومن شديدي الزهد كما يعرف ذلك من يطالع سيرته، ولما مر به عبد الله بن سبأ في طريقه قال له: يا أبا ذر إن أهل الشام ينغمسون في الدنيا وفي الملذات وينشغلون عن أمر الدين.
محاولا بهذا الكلام إثارته، فذهب أبو ذر إلى معاوية وقال له:
متأولا معنى الآية أنه لا يجوز للإنسان أن يكنز أكثر من قوت يوم واحد، وهذا الفهم يخالف أصول الإسلام في هذه الناحية، فقال له معاوية:
إنك تحمل الناس على أمر لا يطيقونه، ولم يقره رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأصر أبو ذر على رأيه، فأرسل معاوية إلى عثمان رضي الله عنه، فاستدعى عثمان رضي الله عنه أبا ذر رضي الله عنه، ودار بينهما حوار سنذكر تفاصيله فيما بعد، وكان هذا من المطاعن على عثمان رضي الله عنه التي تبع ابن سبأ فيها الكثير.
وذهب ابن سبأ أيضا إلى عبادة بن الصامت، وحاول معه مثل هذا الأمر، فقبض عليه، وأتى به إلى معاوية بن أبي سفيان، وقال له: